لماذا لا تتحسن حالتي النفسية رغم اخذي للأدوية النفسية؟

تدقيق ومراجعة د. احمد الدباس


إنه من الصعب عليك تناول أدوية بانتظام كعمل روتيني يومي، ويصبح الأمر أكثر صعوبة إذا لم تشعر بتحسن أو تجد أدويتك عديمة النفع. فتشعر بالشك بشأن ملاءمة دوائك لك، أو تشخيص طبيبك. ومما يزيد الأمر سوءًا أن الأدوية النفسية تستغرق وقتًا لبدء تأثيرها في تخفيف أعراض الاضطرابات النفسية.

 

هل أُصبت بمرض أو اضطراب نفسي وتشعر أن دواءك لا يُجدي نفعًا؟ وما اسباب عدم استجابة جسمك للدواء؟

إذا كنت أحد المصابين باضطراب نفسي، ولا تتحسن حالتك رُغم تلقيك للأدوية النفسية، قد تكون مصابًا بحالة «مقاومة العلاج». قد يكون محبطًا ألا تشعر بالراحة التي تحتاجها. ومع ذلك، فهناك أمل. مقاومة العلاج هو مصطلح طبي سريري يصف حالة عدم الاستجابة للأدوية الموصوفة كما هو متوقع - فقد تعمل تلك الأدوية جزئيًا وقد لا تعمل على الإطلاق. ومن المؤسف أنها حالة شائعة جدًا لدى المرضى المصابين باضطراب الاكتئاب الكبير. 

تحدث حالة مقاومة العلاج في بعض الاضطرابات المزاجية مثل: الاكتئاب، والاضطراب ثنائي القطب، وحتى الفصام. بالإضافة إلى العديد من متلازمات القلق مثل: اضطراب الوسواس القهري. في الواقع، قد تحدث حالة عدم الاستجابة للأدوية مع أي حالة طبية مثل: الالتهاب الرئوي الذي قد لا يستجيب للمضادات الحيوية.

إذا شعرت أن حالتك قد تكون مقاومة للعلاج، فلا تيأس. فيما يلي بعض الخيارات التي يمكنك التفكير فيها للوصول إلى الشفاء التام:

١. اضبط جرعة دواءك أو غيِّره تمامًا

قد يصف لك طبيبك النفسي جرعة صغيرة مبدئيًا من دوائك لمنع ظهور الآثار الجانبية له، ثم يُزيدها تدريجياً حتى تصل إلى ما يسمى بالجرعة العلاجية؛ وهي الجرعة اللازمة لبلوغ التأثير المطلوب لعلاج الأعراض. إذا استجاب جسمك جزئيًا لتلك الجرعة، فقد يقوم طبيبك بوصف دواءً مكملًا، أو بمعنى آخر إضافة دواءً آخر يُعزز فاعلية الدواء الأول.

قد لا تفيدك أدوية مضادات الاكتئاب عند استخدامها للمرة الأولى، حتى مع زيادة جرعتها. فهناك العديد من أدوية مضادات الاكتئاب التي تعمل بطرق مختلفة في الدماغ، وبالطبع تختلف استجابة كل شخص عن الآخر. من المهم أن تتفهم أن الأمر قد يستغرق بضع محاولات للوصول إلى الدواء المناسب والجرعة العلاجية المناسبة.

من المهم أيضًا معرفتك أن توقفك المفاجئ عن تلقي الأدوية النفسية، أو التوقف عنها دون استشارة الطبيب ليست فكرة صائبة.

في بعض الأحيان قد يلجأ طبيبك إلى طلب اختبار جيني يسمح له بمعرفة تأثير جينات محددة على استجابتك لعلاجات معينة. وبذلك، يمكنه تقليل عدد مرات تجربة المحاولة والخطأ.

٢. إلتزم في تناول الادوية بمواعيدها

فعالية أغلب الأدوية النفسية تعتمد على تناولها بشكل يومي وبمواعيد متقاربة وعدم الإنتظام أو التقطع في استخدام الدواء ولو لأيام قليلة من كل اسبوع يؤثر بشكل كبير على فعالية الدواء، وكذلك الأمر عند توقيف الدواء بشكل مبكر فور تحسن الحالة النفسية يشكل خطر كبير لحدوث انتكاسات.

٣. تأكد من صحة ودقة تشخيص حالتك

إذا استمرت معاناتك من اضطرابك النفسي رُغم تلقيك للأدوية النفسية؛ ربما كان تشخيص طبيبك خاطئًا من البداية، أو قد تكون هناك حالة طبية أخرى غير مشخصة مصاحبة لهذا الاضطراب. قد تسبب بعض الأمراض مثل: اضطرابات الغدة الدرقية أو الألم المزمن أو مشاكل القلب تفاقم بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب.

قد تعاني أيضًا من اضطراب آخر غير مشخص تسبب في تفاقم حالتك رُغم تلقيك للعلاج الصحيح. فعلى سبيل المثال: إذا كنت مصابًا بالاكتئاب ولكن لديك أرق وتسابق أفكار؛ فيكون التشخيص الصحيح اضطراب ثنائي القطب وليس اكتئاب. وبالطبع، يختلف علاج الاكتئاب عن علاج اضطراب ثنائي القطب. ولذا فقد حان الوقت لاستشارة طبيب نفسي إضافي.

لا يستخدم الأطباء النفسيون نفس طريقة العلاج لجميع المرضى حتى وإن اتفقوا على نفس التشخيص. فبعضهم يفضلون وصف أدوية معينة وأنواع معينة من العلاج النفسي كتفضيلهم لطريقة العلاج بالكلام. إذا لم تشعر بتحسن رُغم اتباعك لخطة علاج خاصة بك لعدة أشهر، ففكر أنه قد حان الوقت للبحث عن طبيب نفسي آخر يتبع نهج مختلف في خطة العلاج، قد يتضمن ذلك النهج الآخر وصفه لمجموعة مدروسة ومتدرجة من العلاجات يصفها لك تدريجيًا حتى تجد نظامًا علاجيًا أكثر فعالية. 

٤. استخدام الاختبارات الجينية للحصول على الدواء المناسب 

يستخدم (الطب الشخصي) المعروف أيضًا باسم (الطب الدقيق)، الاختبارات الجينية لمساعدة الأطباء على اختيار العلاجات الطبية بدقة أكبر. يُستخدم نموذج الطب الجيني الآن على نطاق واسع في علاج السرطان، ويشق طريقه حاليًا إلى فروع الطب الأخرى، بما في ذلك الطب النفسي. وفي حالة الطب النفسي، للأسف، فقط نصف المرضى لديهم استجابة جيدة لأول دواء نفسي يجربونه وذلك لاختلاف الاستجابة من شخص إلى آخر، ويعتمد ذلك جزئيًا على تركيبهم الجيني.

يعد اختبار الوراثة الدوائية أحد الأدوات التي قد تساعد في وصف الأدوية بدقة أكبر. فهو يبحث في جينات الصحة النفسية الرئيسية الموجودة في الحمض النووي لجسمك التي تؤثر على كيفية عمل دماغك، وأيضًا كيفية عمليات الاستقلاب (تفكيك) للعديد من الأدوية المعالجة للأمراض النفسية. يساعد ذلك الطبيب النفسي على فهم احتمالية نجاح دواء معين في علاج اضطرابك النفسي أم لا قبل تجربته. تفيد هذه المعلومات، بالإضافة إلى تاريخك النفسي والطبي الدقيق طبيبك النفسي للحصول على العلاجات المناسبة لك حتى تشعر بتحسن أسرع.

٥. ابحث عن الدعم الاجتماعي وتعامل مع الضغوطات الحياتية

لكي تتحسن، من المهم أن يكون لديك شبكة دعم قوية. الأشخاص الذين ليس لديهم عائلة أو أصدقاء يرغبون في مساعدتهم في عملية الشفاء قد يواجهون وقتًا أكثر صعوبة في طريقهم إلى التعافي. ومن ناحية اخرى وجود ضغوطات حياتية (مالية، اسرية، زوجية، وظيفية) يحد من التحسن في الحالة النفسية بشكل عام.

٦. تجنب المؤثرات العقلية (المخدرات) والكحول

مما لا شك فيه أننا لا نستطيع التغافل عن دور تعاطي الكحول والمخدرات في تثبيط فعالية الأدوية التي يتلقاها المريض المصاب بالاضطرابات النفسية.

وأيضًا تتسبب تلك المواد في ظهور العديد من التشخيصات المرتبطة بها بما في ذلك: التسمم، أو الانسحاب، أو الذهان، أو القلق، أو الهذيان. ولذلك وجب التنبيه على الإفصاح عن استخدام تلك المواد لطبيبك النفسي حتى يتسنى له وضع خطة علاج فعالة ومناسبة لك، مع الاطمئنان باحتفاظ الطبيب لمعلوماتك الطبية بسرية تامة ولن يفصح عنها لأي شخص أو جهة حكومية.

المصادر:

www.mayoclinichealthsystem.org

www.verywellmind.com

www.potomacpsychiatry.com

Previous
Previous

كيف تعرف أنك بحاجة إلى طبيب نفسي؟ ومتى تزور طبيبًا نفسيًا؟